كان الناس في الماضي يطلقون على من يخرج عن حدود اللياقة والأدب بأنه "شخص خلع برقع الحياء وتجاوز حدوده"، والحياء كما هو مطلوب في المرأة فهو أيضا مطلوب في الرجل، وقد عرف العلماء الحياء بأنه (الكف عن كل ما يستخفه العقل ويهجه الذوق، واستنكار كل مالا يرضى به الخالق والمخلوق، وهو خلق شريف يمنع المرء من فعل المحرمات وإتيان المنكرات ويصونه عن الوقوع في الأوزار والآثام ومن فقد الحياء فقد مروءته وخسر كل خير وفضل) وفى هذا الزمن الصعب نجد ان الكثيرين رجالا ونساء وحتى أطفالا قد خلعوا برقع الحياء، بل تخطوا كل حدوده، وباتت الوجوه مكشوفة لا تعرف الخجل، فاللص لا يخجل من لصوصيته، والمرتشي لا يخجل من مد أياديه إلى جيوب الآخرين ليسطو على مافيها وكأنه حق مكتسب، والكذاب لا يخجل من كذبه، والمنافق لا يستحيي من تملقه ونفاقه وريائه، ووصل الأمر بالعاهرة أن تعلن عن عهرها وتتباهى بعريها، أضف إلى ذلك كل مظاهر الفساد التي استوطنت كل بقعة في مصر من سلب ونهب للمال العام والخاص ومع ذلك نقف للفاسدين احتراما وإجلالا وتقديرا لدورهم المخزي في إفساد البشر ومص دماء الشعوب، بل ونمعن في احترامهم بمنحهم ألقابا لا يستحقونها كالباشوية والباكوية...أليس هذا زمن العجائب؟
معظم الناس خلعت برقع الحياء ولم يتبق لديهم ما يخفونه أو يسترون به عوراتهم.. وقد رأى البعض أن الوقت قد حان لسن قانون لخلع برقع الوجه ليتساوى الجميع في الكشف والعري، وأيا كان قرار شيخ الأزهر بمنع النقاب من المدارس والجامعات أو حتى الشوارع فالغاية هنا ليست هدم أسس الدين ولا مخالفة الشريعة الإسلامية فحسب، ولا حتى الإبقاء على مصر دولة علمانية أو ليبرالية كما يتمنى النظام المصري الحالي، بل الغاية من خلع النقاب أو البرقع من على وجه المرأة هو التصدي لحركة المد الإسلامي الزاحف رغما عن الجميع وإيقافه عند الحد الذي يرضي الغرب، ويجعله راضيا مرضيا عن نهج الحكومة المصرية الذي تنتهجه في محاربة هذا المد الاسلامي والعمل على إضعافه، فأكثر ما يخيف الغرب هو ولادة دولة إسلامية تلتزم بالقيم الدينية الإسلامية وترفع شعار الجهاد في سبيل الله، هذا الشعار الذي رفع زمن الفتوحات الإسلامية في عهد الخلافة التي وحدت الأقطار من حدود الصين شرقا ووصلت إلى أوربا في الأندلس وحتى العاصمة "فيينا" تحت راية "لا إله إلا الله"، تلك الكلمة التي هزت أرجاء الدنيا في زمن الرجال، هذا ما يخشاه الغرب، ولهذا فهو حريص كل الحرص على إنجازاته التي أنجزها على مدى عقود سابقة حين نجح في تفتيت هذه الأمة الإسلامية إلى دول فتات متناحرة، تتصارع فيما بينها، بينما نجده يسعى بخطى سريعة نحو لم شمله وتوحيد أقطاره في كيان موحد ومتماسك (أوربا الموحدة – الولايات المتحدة الأمريكية) في حين كتب على العرب والمسلمين التشرذم والفرقة والانقسام.
النقاب بالنسبة للغرب يذكرهم بزمن الهزائم الأوربية أمام جيوش المسلمين التي فتحت الأندلس، وصلاح الدين الأيوبي في حطين، وزمن الفتح العثماني للقسطنطينية عام 1453م على يد محمد الفاتح، وبزمن حصار المسلمين للعاصمة فيينا، ويذكرهم بعهود إسلامية خلت كان الإسلام فيها من أهم مقومات الوحدة والتضامن في الشرق كله، وكان القوة المحركة التي تهتز لها الجبال، وكان شرف المرأة المسلمة خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو الاعتداء عليه، والدفاع عنه كان سببا في تحريك جيوش المسلمين من سامراء إلى عمورية زمن المعتصم.
اليوم رأينا الغزاة الجدد في زمن أشباه الرجال يتخطون كل الخطوط الحمر في العراق وأفغانستان وفلسطين، والمرأة العربية والمسلمة بالذات أصبحت هدفا من أهداف الغرب ونقطة ضعف كل مسلم يمكن اختراقها والعزف على وترها، واستغلالها في حروبه ضدنا، ولو كنا نقرأ حقا لكنا انتبهنا إلى خطاب بوش الابن أمام الكونجرس عن حال الاتحاد اليهودي المسيحي بتاريخ 29 /1/ 2002م، والذي تضمن تفصيلات خطيرة عن الخطط المستقبلية للسياسة الأمريكية في العالمين العربي والإسلامي نشرت ترجمته جريدة الخليج الإماراتية، ركز بوش في خطابه على حجاب المرأة، وحلق لحى الرجال ونشر المفاسد والمخدرات خاصة الأفيون في كل رقعة إسلامية بعد إعادة زراعته في أفغانستان، واعتبر نشر الرذيلة في عالمنا العربي والاسلامى إنجازا لأمريكا والحضارة الغربية بعد غزو أفغانستان، قد يفسر البعض كلامي هذا على أنه خضوع لنظرية المؤامرة، ولكن هل منا من يستطيع إنكار وجود تلك المؤامرات على العرب والمسلمين وعدونا يجاهر بها ونحن نحاول تبرئته منها؟
(ملاحظة من المداد:
في هذا الرابط http://www.mediamonitors.net/khodr60.html الذي أدرجته أ. وفاء إسماعيل في مقالها، النص التالي باللغة الإنجليزية من خطاب بوش المشار إليه:
We won't stop until every Arab and Muslim is disarmed, unveiled, shaven, irreligious, indoctrinated, peaceful, and loves America. I am determined to use all of our resources to bring that about before my next election)
عندما أثيرت قضية النقاب في مصر والعالم لم أتمالك نفسي من الضحك وقلت لنفسي هاهم الرجال انتفضوا دفاعا عن شرف المرأة المسلمة المصان خلف "نقاب" أو ما يسمى بالبرقع، فقررت أن أنتفض أنا أيضا مطالبة الرجال بارتداء براقعهم التي أقرها الشرع والدين، فمن الواضح أن الرجال في عالمنا العربي والاسلامى نسوا أو تناسوا أن الدين أمرهم وفرض عليهم عدم نزع برقع الحياء، ورغم ذلك خلعوه وألقوا به في أقرب سلة قمامة!! وتمادوا في تسلطهم واستبدادهم على اعتبار أنهم أوصياء على المرأة يحركونها كيفما أرادوا، ويفصلون لها ما تلبسه وما تخلعه، ويضعونها في الزاوية التي تراها فيها أعينهم، إنها زاوية الصون والعفاف، جاعلين أنفسهم حراسا عليها وعلى عفتها وشرفها.. وهذا الأمر لا أنكره على كل رجل حر شريف مسؤول عن بناته ونسائه، رغم أني أقر بأن هناك من النساء من هنّ أكثر من الرجال حرصا على العرض والشرف وأكثرهم التزاما وليسوا بحاجة لحراسة الرجل ولا حتى وصايته.. ولكن السادة الرجال لم يقولوا لنا، إذا كانوا هم أوصياء على المرأة، فليخبرونا من هو الوصي عليهم وعلى سلوكهم وأخلاقهم؟ وأين كان هؤلاء الرجال (الذين انتفضوا بثورتهم على شيخ الأزهر منددين بسلوكه الفظ حين أمر الفتاة بنزع نقابها) عندما اغتُصبت النساء في أبوغريب على يد صهاينة لم يخجلوا من إظهار نجمة داوود على أياديهم النجسة تفاخرا وتباهيا بما فعلوه ببناتنا ونسائنا؟ أين كانوا -أصحاب ثورة النقاب كما أسميهم أنا- عندما سُلبت أرض العرب والمسلمين في العراق وأفغانستان وفلسطين ولبنان وتم استباحة كل شيء فيها حتى أعراض الرجال على يد الغزاة المحتلين؟ أين كانوا -أصحاب الهبة القوية والثورة الفتية- عندما انتشر الفساد وظلم العباد واعتقل الأحرار والشرفاء في سجون الخونة والعملاء وزبانية الاحتلال؟ أين كانوا.. هؤلاء الحارة دماءهم، الغيورون على شرف المرأة ونقابها والمرأة تباع وتشترى كسلعة رخيصة في سوق النخاسة، الم يكن البائع والشاري رجلا عربيا ومسلما؟ والمخدرات التي يروج لها في طول البلاد وعرضها من هو تاجرها ومن مروجها ومن الذي يتجرعها سما زعافا ليتم تغييبه عن الواقع ليسلب منه أرضه وماله وعرضه.. من هم كل هؤلاء.. أليسوا رجالا منا وفينا خلعوا برقع الحياء ولم يستحيوا من مطالبة المرأة ببرقع الوجه؟!!! من هو المرتشي؟ ومن هو عديم الضمير؟ ومن هو الجلاد بسياطه وكرابيجه على ظهور الأحرار؟ أليس هو رجل ليس لديه ذرة من الحياء ولا نخوة الرجال؟ أين برقع الحياء الذي أمركم به رب الكون ورسوله؟!!
ياسادة عندما يرتدي الرجال برقع الحياء ويستعيدون رجولتهم ونخوتهم، وقدرتهم على حماية الأرض والعرض.. حق على النساء أن تسمع وتطيع أقوال الرجال.. ولكن هل نحن حقا في زمن الرجال؟ أم في زمن أشباه الرجال؟
*************************************
هذا الموضوع شد اعجابى كثير ارجو ان يعجبكم